سورة البقرة
سورة البقرة هي ثاني سورة في القرآن من حيث الترتيب، بعد سورة الفاتحة، وتعدّ أطول سور القرآن وعدد آياتها مئتان وستٌ وثمانون آية، وعدد كلماتها ستة آلافٍ ومئة وأربع وأربعون، ونزلت هذه السورة في المدينة، سميت فسطاط القرآن بسبب ما فيها من أحكامٍ ومواعظ، وجاءت تسميتها من قصّة البقرة التي حدثت مع بني إسرائيل، وتحتوي على ألف أمرٍ ومقابله ألف نهيٍ، وألف حكمٍ وألف خبرٍ.
فضل سورة البقرة
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تجعلوا بيوتَكم مقابرَ، إنَّ الشيطانَ يِنْفِرُ من البيتِ الذي تُقرأُ فيه سورةُ البقرةِ"، وهذا الحديث يدلّ على أنّ لسورة البقرة فضلٌ كبيرٌ في طرد الشياطين من البيت، أمّا البيوت التي لا تقرأ فيها هذه السورة العظيمة فهي أشبه ما يكون بالمقابر، ساكنة لا روح ولا حياة فيها.
- قال أيضاً عليه أفضل الصلاة والتسليم:" ليَهْنِكَ العلمُ أبا المنذرِ، والَّذي نَفسي بيدِهِ إنَّ لَها لسانًا وشفتينِ تقدِّسُ الملِكَ عندَ ساقِ العرشِ"، وهذا الحديث دلنا على أن آية الكرسي هي أعظم آيات القرآن الكريم، وآية الكرسي مذكورةٌ في سورة البقرة، وهذا يزيد من عظمتها وفضلها.
- من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً عن سورة البقرة:"تعلَّموا سورةَ البقرةِ فإنَّ أخذَها بركةٌ وتركَها حسرةٌ ولا تستطيعهُا البطَلةُ"، وهذا حديثٌ يجمع عدة أشياءٍ في سورةٍ واحدةٍ، وهذه الأشياء هي:
- أول فوائد هذه السورة العظيمة حسب الحديث هي البركة؛ وهذا يعني أنّ قارئ سورة البقرة باستمرار سيكون له في حياته بركةٌ كبيرةٌ جداً؛ فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يحدد نوع البركة في هذا الحديث، وهذا يعني أنّ البركة ستعمّ على المال، والصحّة، والأولاد، والدين، والوقت وغيره، وهذا بحد ذاته لفضلٌ عظيمٌ على الإنسان.
- ثم ينتقل الحديث من البركة إلى الحسرة؛ ويعني الرسول صلى الله عليه وسلم هنا بالحسرة، التحسر على ترك القراءة لهذه السورة، وبالتالي فقدان البركة التي تأتي من قرائتها، فالحسرة هي على البركة التي تتلاشى بترك سورةٍ تحمل كل هذه الحسنات.
- بعدها ينتقل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الحديث عن البطلة؛ والبطلة تعني السحرة والمشعوذين، فهنا يبين الرسول صلى الله عليه وسلم أن من ترك قراءة هذه السورة فلن يشفى من البطلة إذا كان به سحرٌ، أو مسٌ، أو أصابته عين، فالمنجي والشافي من هذه الأمور بإذن الله تعالى هو المداومة على قراءة سورة البقرة.
- وقال النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه السورة أيضاً:"اقرؤوا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه. اقرؤوا الزهراوين: البقرة وسورة آل عمران، فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان، أو غيايتان، أو فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما"، وهذا الحديث يجمع بين سورتي البقرة وآل عمران وهما سورتان متتاليتان في القرآن الكريم، ويقول النبي عليه أفضل الصلاة والسلام أن هاتين السورتين منجيتين يوم القيامة، وماذا يريد المسلم شيئاً خيراً من الشفاعة يوم القيامة، يوم لا ينفع مالٌ ولا بنونٌ إلا من أتى الله بقلبٍ سليمٍ.
من كل الاحاديث السابقة يصل الإنسان بعقله وتمعنه إلى الأهمية العظمى لقراءة سورة البقرة، لأنها جامعةٌ للأحكام، والأمور، والنواهي، والقصص التي تخبرنا عن الأقوام قديماً، ولا ننسى أن آية الدين التي هي أطول آية في القرآن هي من آيات سورة البقرة، والتي وضعت أحكاماً للتجار والتجارة حتى لا يظلم أحدٌ من المتعاقدين، فلا يوجد أعظم من كتاب الله لتيسير أمور الناس، ولكن أغلب الناس تركوه، فلو رجعوا إليه لسارت حياتهم دون أدنى معاناة، لأنه سيكون القانون، والحاكم الفاصل العادل بين الناس.